على غرار شنغن الأوروبية.. التأشيرة الخليجية الموحدة ترى النور
فوض المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، وزراء الداخلية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ التأشيرة الخليجية السياحية الموحدة، مرحبا بالجهود التي تقوم بها لجنة وزراء الداخلية حيال هذا الأمر، وذلك وفق ما جاء في البيان الختامي الصادر عن اجتماع قادة وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد بالدوحة اليوم.
ووفقا لنظام التأشيرة الخليجية السياحية الموحدة، سيكون بإمكان من يحصل على تأشيرة دخول أو إقامة في إحدى دول مجلس التعاون الست، أن يدخل باقي الدول بالتأشيرة نفسها، وذلك على غرار تأشيرة شنغن التي تربط دول الاتحاد الأوروبي ببعضها البعض.
وترأس أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أعمال القمة الخليجية 44 التي عقدت اليوم الثلاثاء في الدوحة، والتي استعرضت تطورات ما تم إنجازه من خطوات لتحقيق التكامل بين دول المجلس وأبرز القضايا ذات الاهتمام المشترك، التي كان في مقدمتها الوضع في قطاع غزة.
وكان وزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي قد اعتمدوا مشروع التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة خلال الاجتماع الـ(40) الذي عقد في العاصمة العمانية مسقط في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على أن يتم التطبيق وفق برنامج زمني محدد، وذلك بهدف الإسهام في تسهيل وانسيابية تنقل المقيمين والسياح بين دول المجلس الست.
وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي قد أكد أن مشروع التأشيرة السياحية الخليجية الموحد، إنجاز جديد يضاف إلى إنجازات مجلس التعاون، في ظل توجيهات قادة دول المجلس الذين أولوا اهتمامهم لمنجزات التعاون الأمني الخليجي.
مواكبة التطور
وقال أستاذ القانون الدولي بجامعة قطر ناصر العذبة إن التأشيرة الخليجية السياحية الموحدة لا شك أنها تواكب التطور الذي تشهده دول الخليج وتعد ضرورة حتمية لمواصلة النهضة والحداثة التي تسير بها جميع دول الخليج.
وأضاف العذبة في حديث للجزيرة نت، أن وجود الكثير من الكفاءات في دول الخليج وتنقلها بين هذه الدول بأريحية يجعل هذه الكفاءات تقوي من اقتصاد الخليج كوحدة واحدة وليس كوحدات متعددة، ومن هنا تأتي أهمية تسجيل هذا التنقل الذي تساعد التأشيرة الجديدة فيه.
وأفاد المتحدث ذاته بأن الكثير من الشركات في دول الخليج تستطيع أن تتحول من شركات محلية داخل الدول التي تعمل بها إلى شركات خليجية دولية بسهولة، حيث يمكن لمدير شركة في السعودية على سبيل المثال أن ينتقل بسهولة إلى دولة أخرى لإنهاء الأعمال بنفسه وهو ما يسهل من تسريع الاستثمارات والدفع نحو التوسع في افتتاح فروع للشركات المحلية خارج إطار عملها داخل دولتها ومن ثم تتحول هذه الشركات من محلية إلى دولية وإقليمية وربما مستقبلا عربية وعالمية.
وأوضح أن التأشيرة الموحدة لها تأثير إيجابي كبير خاصة على القطاع السياحي ومن ثم الاقتصاد بشكل عام، مؤكدا أن التكامل الاقتصادي يحتاج إلى هذه الخطوة ولكن في إطار ضوابط معينة.
وحدد العذبة هذه الضوابط بحصر منح هذه التأشيرة لأصحاب رواتب محددة ووظائف معينة، وأن يرتبط إصدارها بصحيفة الحالة الجنائية لمن يريدها، بحيث تكون الصحيفة بيضاء لضمان عدم هروب أي شخص أو ارتكاب أي مخالفات قانونية خلال التنقل من دولة لأخرى.
مزايا اقتصادية
الخبير الاقتصادي عبد الرحيم الهور يؤكد للجزيرة نت أن مزايا التأشيرة الموحدة كثيرة، لافتا إلى أن فتح المناطق الجغرافية في الإقليم الواحد يعد خطوة كبيرة ومهمة في تعزيز المحاور الرئيسية للمكون الشمولي للمنطقة.
وأوضح أن هذا الأمر يعني عدة محاور، أولها تعزيز النشاط الاقتصادي بكافة مكوناته، السياحي والتجارة البينية، وفرصة فتح أسواق للمشاريع الجديدة وتعزيز كفاءة التشغيل للقوى العاملة في المنطقة، وتوحيد التشريعات والقوانين المنظمة سواء للسياحة أو النقل أو التعليم أو الاتصالات.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أهمية أن تكون هذه الخطوة بداية لتوسيع نطاق التأشيرة المشتركة في دول مجاورة لتعزيز المفاهيم نفسها وتحقيق الفوائد ذاتها، مستشهدا بالتجربة الأوروبية التي حققت نتائج إيجابية كبيرة بعد استحداث تأشيرة شنغن التي عادت بالنفع على كل المستويات.
ولفت الهور، في السياق ذاته، إلى أن الفائدة الاستثنائية لخصوصية دول الخليج تكمن في أنها دول متعددة الجنسيات من القوى العاملة، وبالتالي فتح باب التنقل للمقيمين سيشكل الحجم الأكبر للتنقل والاستثمار والسياحة والاستهلاك في آن واحد، فالتنقل إلى مكان جديد يفتح فرص لتشغيل الفنادق والمواصلات والأسواق التجارية، وهو بالطبع منفعة كبيرة للبلد الذي يستقبل هؤلاء الزائرين.
ولم يستبعد الهور وجود سلبيات للنظام الجديد، ولكنه أكد أنها لا تقارن بحجم المنافع والإيجابيات التي ستتحقق نتيجة للنظام الجديد، ونبه لإمكانية وجود تحديات أمنية لدول الخليج لضبط الأمور فيما يتعلق بمنع انتشار الجريمة المنظمة وغسل الاموال والمخدرات وغيرها، مشيرا لمواكبة ذلك بتشريعات وتنظيمات حاكمة لضمان نجاح النظام الجديد.
ضوابط التنفيذ
وأضاف الهور أن أبرز مزايا النظام الجديد هو سهولة حركة الأشخاص مما يترتب عليه زيادة محتملة في الأنشطة السياحية بجميع دول المنطقة وبالتالي توفير فوائد اقتصادية كثيرة وزيادة التعاون بين دول المجلس.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن النظام الجديد يتطلب التركيز على ضوابط التنفيذ بحيث تضمن خصوصية البيانات في جميع أنحاء دول المجلس، مؤكدا أن كيفية التنفيذ تتطلب التنسيق التام بين الدول بما يكفل حماية النظم والقوانين المحلية لكل دولة ويضمن إمكانية قيام أي دولة بوضع شروط إضافية.